التحديات المستقبلية التي تواجه العالم الاسلامي أمنيا وسياسيا/دکتر واثق الهاشمی

التحديات المستقبلية التي تواجه العالم الاسلامي أمنيا وسياسيا

دکتر واثق الهاشمی

رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية

في تسعينيات القرن العشرين حدثت عدة تطورات في عدد من البلدان أدت إلى حصول تغيرات إقليمية ودولية أثرت بشكل واضح وكبير على وجه النظام العالمي وعلى التحالفات القائمة داخله، كان من أبرز وأهم هذه المتغيرات هو انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد دول المنطومة الاشتراكية، وصعود الولايات المتحدة الأمريكية كقوة وحيدة لتحكم العالم وتؤسس النظام الدولي الجديد، ومن أهم هذه المتغيرات أيضاً سقوط النظام الإقليمي العربي، وظهور الاستراتيجية الغربية الإسرائيلية بديلاً عنه، فبرزت مفاهيم الشرق الأوسط الجديد، والشراكة الأوروبية المتوسطية، وتم عقد جملة من التحالفات الأمنية بين عدد من الدول محلياً وإقليمياً ودولياً، وتجلت الشراكة الأمريكية الإسرائيلية في أقوى مراحلها، وكذلك ظهر تحالف إسرائيل القوي مع كل من إثيوبيا وجنوب السودان، وفي بداية القرن الواحد والعشرين شهدت المنطقة العربية احداثاً مهمة مثل الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 مروراً بالعدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة ولبنان وصولاً الى الثورات العربية في بداية العام 2011، وصعود روسيا والصين والاتحاد الاوربي وعودة مبدأ توازن القوى في العالم ، وكذلك استمرار تداعيات الأزمة السورية واليمينة،ونمو التنظيمات الارهابية في العالم فضلا عن صعود اليمين الديني المتطرف في اوربا.

من أبرز ملامح المرحلة الماضية هو غياب استراتيجية أمنية أسلامية وواضحة ومحددة رغم الدعوات التي أقرتها أجتماعات المؤتمر الاسلامي ، والأخطر كان نزوع كل دولة أسلامية وحدها لصياغة مفهوم وعمق استراتيجي لأمنها، وبروز القطرية والحلقية أكثر فأكثر في العديد من الدول الاسلامية نتيجة عدم قدرتها على مواكبة التطورات والمتغيرات الدولية وشعورها بالتهديد ، كل هذا وفر المناخ المناسب للعديد من القوى الدولية والإقليمية في التدخل لإيجاد عمق استراتيجي لها، بما في ذلك إسرائيل التي تعتمد سياسة خلط الأوراق وتعقيد خريطة الصراع في المنطقة بما يحقق لها مكاسب سيوستراتيجية، من خلال تعميق الصراعات في المنطقة العربية حنى تظل هذه الدول منشغلة بخلافاتها مما يعيق مشروعها التنموي ويضعف من قدراتها الدفاعية، ويستنفذ قوتها العسكرية المتنامية، فضلا عن تنامي الصراع الايراني الخليجي وظهور ما يسمى الهلال السني والشيعي ، والتي استغلته قوى دولية وأقليمية لتفتيت الدول الاسلامية وأضعافها وغياب مايجمعها .

هناك تساؤلات مهمة تستحق أن تكون هناك أجابات واضحة عنها فضلا أنها توضح صورة الدول الاسلامية وحالة التراجع التي وصلتها

1-لماذا يعيش العالم الاسلامي أوضاعا غير مستقرة ؟

2-لماذا يمثل اكثر من 70% من المهاجرين في العالم من المسلمين ؟

3-لماذا تنخفض مستويات التنمية في الدول الاسلامية بشكل ملفت للنظر؟

4-لماذا شابت العلاقات الاسلامية مع دول الغرب التوترات والتقاطعات ؟

أهم التحديات التي تواجه العالم الاسلامي :

1-أولاً- وجود إسرائيل: لاشك إن أبرز تحدي يشكل خطراً على الأمة الاسلامية هو إسرائيل، هذه الدولة التي تم زرعها في قلب العالم العربي بهدف تمزيق أوصاله والسيطرة على بقعة جغرافية مهمة جداً وذات دور سيوستراتيجي لخدمة مصالح الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص، ومن أجل ذلك خاضت إسرائيل حروب ومواجهات متعددة مع العرب، ومنذ إنشائها تبنت إسرائيل في تعاملها مع جيرانها العرب سياسة المحاصرة والتطويق ثم الاحتلال فضلا عن تهديداتها للدول الاسلامية ومنها أيران ومحاولة اشعال الصراعات بين الدول الاسلامية .وربما سيكون سيناريو صفقة القرن هو السيناريو الاخطر في المرحلة المقبلة. وكان قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس رغم الاعتراضات الدولية والاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان هو جزء من هذا المخطط التفتيتي .

ثانياً- الإنقسامات العربية والاسلامية : وهي قضية قديمة حديثة، أي أنها مسألة مزمنة لايبدو أن لها مقاربة علاجية في المستقبل القريب، ونحن هنا لانتحدث عن اختلاف المصالح وتباين المواقف بين الدول، فهذه الأخيرة حالة تعبر عن أعراض التشارك والتكامل والتعدد والتنوع، وهي في هذا السياق أعراض صحية لابد منها للتعافي والنمو، نحن نتحدث عن تحول التباين في الآراء من الحالة الصحية إلى الحالة المرضية وصولا الى حالة القطيعة ، حين تنتقل من وضع الحوار وصولا الى الحلول بل وصل الامر أحيانا الى المواجهة الميدانية العنيفة، مع ملاحظة أن المؤتمرات الاسلامية في السابق كانت تصل الى نتائج أيجابية للتوافق وحل النزاعات ، وصل الامر الان الى غياب لهذا الدور وتنامي الخلافات والانقسام بشكل ملفت للنظر.

ثالثا- التطرف و الإرهاب: تعاني معظم الدول الاسلامية من اضطرابات سياسية وفكرية واجتماعية ودينية تسبب التطرف والعنف الأمر الذي أدخل الكثير من الأنظمة الاسلامية في حالة من الفوضى والحروب والصراعات الأهلية، وقد أدت حالة الانسداد الفكري إلى انقسام الدول والمجتمعات الاسلامية إلى عدة كيانات طائفية ومذهبية وعرقية ومناطقية، بحيث وصل الامر بما يهدد بتفكك وتشرذم المنطقة إلى دويلات وكانتونات، والتطرف الذي يواجه الدول الاسلامية ليس فقط تطرفاً دينياً وإن كان هو الأبرز، لكن هناك التطرف السياسي والثقافي والاجتماعي والتطرف القومي، هذه الأشكال من التطرف تطفو فترة ثم تخفت ليظهر أحدها ويتراجع الآخر، وغالباً مايكون ذلك بسبب رد فعل على تطرف آخر، أو يكون شكلاً من أشكال الاحتجاج على الاعتدال، لذلك نجد أن التطرف والتشدد ينتشران في مجتمعات تكثر فيها مظاهر التخلف والجهل والأزمات حيث تختلط العصبية بالقبلية بالخرافة والأحكام القطعية النهائية مع الروح العدائية، وهو مناخ توفره المجتمعات الاسلامية ، ولاننسى الاجندة الدولية التي انشات التنظيمات الارهابية بواجهات أسلامية كالقاعدة وداعش والنصرة وتنظيمات أخرى وربما التمهيد لتنظيمات جديدة تكفيرية اكثر تطرفا وعنفاً لتنفيذ أجندات لتشويه صورة الاسلام ، ولكن الامر ربما لم يحسب بشكل صحيح لان هذه الاجندة انقلبت على صانعيها فكانت تفجيرات بروكسل وباريس ولندن ودول اخرى واثبت خطا نظرية (عش الدبابير أو مصيدة الجنة )بتسهيل ارسال المتطرفين من دولهم الى العراق وسوريا للتخلص منهم ، حيث عاد هؤلاء المتطرفين الى دولهم بعد انتهاء مهماتهم في العراق وسورية وقاموا بتفجيرات في دول اوربية عديدة فضلا عن صعود التطرف بشكل ملفت لاطراف مسيحية ويهودية كما حدث في الاعتداء على المساجد في نيوزلندا وبريطانيا وكندا وفرنسا .

رابعا : الصراع الشيعي السني

ربما هذا العامل من العوامل المهمة الذي ساهمة في أضعاف المنظمة الاسلامية وتوحدها ، حيث تصاعد هذا الصراع بشكل خطير وأحدث انقساما كبيرا استفاد منه أعداء الاسلام ووظف هذا الصراع بشكل خطير في أذكاء الفتنة وغياب المواقف الموحدة وظهر تيارات متطرفة فضلا عن طرح دول اسلامية نفسها لقيادة العالم الاسلامي بعيدا عن التنسيق والتعاون وغياب لغة الحوار مع ضعف المنظمات الاسلامية التي اصبحت ادوات طيعة بيد هذه الدول .

خامسا : الصراع السياسي وتكيل التكتلات

في العالم الجديد تلجا الدول الى أقامة تحالفات وتكتلات لضمان التكامل الامني والاقتصادي والسياسي كما هو حال الاتحاد الاوربي ، وكان بامكان الدول الاسلامية تحيقي هذا التكامل سياسيا وأقتصاديا وأمنيا لتشكيل قوة عالمية لايستهان بها من حيث عدد الدول واتخاذ مواقف موحدة اتجاه التهديدات ، ولكن الملاحظ ان الصراعات السياسية في الدول الاسلامية زادت من خالة الانقسام والصراع وغياب الرؤية الموحدة وسط تنامي الخلافات والتقاطعات .

الحلول:

1- تفعيل عمل المنظمات الاسلامية كالمؤتمر الاسلامي أو انشاء منظمات جديدة تأخذ على عاتقها أزالة الخلافات ووتفعيل موضوعة تقار ب المذاهب وحوار الحضارات.

وتكون هذه المؤتمرات سنوية وبمحاضر متفقة عليها وتفعيل نظام التصويت بما يشكل حالة الزام للقرارات الصادرة

2-وضع اليات جادة لمواجهة التمدد الصهيوني في المنطقة والوقوف بوجه مايسمى بصفقة القرن

3-التاكيد على قضية فلسطين كقضية جامعة للعرب والمسلمين كحق مشروع للشعب الفلسطيني

4-أيجاد تنسيق أمني مشترك لمواجهة التهديدات للافكار والتنظيمات الاارهابية وضبط الحدود وتفعيل العمل الاستخباراتي المشترك

5- التصدي للمنبر الديني المتطرف بجميع اشكاله المذهبية فضلا عن المنابر الدينية الاخرى المتطرفة غير الاسلامية

6- ايجاد تعاون وتكامل اقتصادي بين الدول الاسلامية بما يعزز من قوتها وتفعيل لاأرادتها .

7- تحقيق مبدأ الامن الغذائي بين الدول الاسلامية

8- أن قضية المياه تشكل تهديدا حقيقيا للدول في العالم ومنها الدول الاسلامية ، من هذا المنطلق يجب ايجاد استراتيجية اسلامية للامن المائي في هذا الدول .

9- أيقاف هجرة المسلمين الى الدول الغربية عن طريق أيجاد بيئة أمنة وحياة اقتصادية وتحقيق مبدأ الحريات لشعوب الدول الاسلامية .